معجونة بالشموخ
لم يعلموا أنني كنورالشمس ناصعة الجبين
جدائلي كضفيرة الفجر معطرة بالياسمين
وأنفاسي معجونة بالشموخ واليقين
وقلبي ينابيع من الصبر والحنين
والكيان جسر من الأمل مرصوف بالحالمين
والروح شرفات ونوافذ للعطاء والخير للمنكوبين
سألوني ولم يكرروا السؤال مرتين
خشية صفع وجوههم أمام الحاضرين
لماذا دمعك يجري كشلال على وجنات الزمن
ولماذا حزنك يهرول على أرصفة المبعدين
يدحرج بيده كرة بيضاء مملوءة باليقين
ولماذا الهموم جاثمة على صدرك كجبل الزيتون
ولماذا حروفك تبكي كروحك وطيورك محبطين
ولماذا تحتسين قهوتك مرة في ظل الزيتون
والمرارمتحجرفي الحلقوم كالقطران
ولماذا جوفك يبتسم كأنه عيد
حينما تشاهدين طفل وليد
وتزغردين كلما شاهدتي شهيد
وبعلامات النصر تلوحين
كلما هدموا بيتا في حطين
وتلوحين بغصن الزيتون
بين خيام اللاجئين
وترتلين أناشيد الوطن
كلما طارت حمامة بيدها غصن الزيتون
لماذا على إحياء تراثك تصرين
والوطن بعيد لا تراه العيون
ولماذا ترفعين أسوارك وعنها لا تقفزين
آه يا وطني لم يعلموا أنني تلك الأرض الولود
التي لا تنجب إلا أطفال حجارة ورجال قيادين
وأنني حروف شعر وقصيد في جرح دفين
وأنني زهرة عنيدة لا تنبت إلا في جبين اليقين
وكل سفح وكل تلة ولو بين حدي سكين
وأنني السنبلة الخضراء التي تشبع الآف الجائعين
وأنني زفرة العصافير على أغصان الليل كالحارس الآمين
حتى تغفو وتطبق على بعضها أجفان االساهدين
وأنني خيمة الشعرالتي تؤوي تحت أجنحتهاالمنكوبين
وشهقة الصباح وحبات الندى على بتلات الياسمين
وأنني نسمات الفجرالغجري المنعشة للمكلومين
وأنني الدموع التي تغسل وجنات التائبين
لم يعلموا أنني شموخ صبرالصابرين
وكبرياءصبرالصبر للفاتحين
لم يعلموا أنني جدائل شمس الوطن
وفطيرة جدتي في الطابون
وأنني تلك المهوسة بجنون
بالآقصى وزهرة المدائن
والقدس وحطين
وأنني فلسطين وابنة فلسطين
رغم اللوعة والمرارالذي يسري في الوتين
ورغم أن حروف الشعرتكشف حزني الدفين
حتى لو صارللشعر فم يروي للمارين
عن طبقات الشوق بجوفي وينابيع الحنين
سأهمس في أذن المتسائلين
ستبقى أجسامنا من ماء وطين
وتحزن قلوبنا وتبقى أرواحنا تسمو بنا في عليين
إلى أن نبني من أعماقنا على أنقاضها شموخ الصابرين
فأنا شموخ صبر الصبر للصابرين…
الشاعرة/ يسرى محمد الرفاعي
سوسنة بنت المهجر
أحدث التعليقات